المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 3 يناير 2012

الكتيبة الاستراتيجية في الخدمة المدنية






مقاصد

عمر إبراهيم الأمين   

  قبل الدخول, لم تأتي تسمية هذا العمود ( مقاصد ) من فراغ فقد كان معياري الأساسي لتقويم الأمور هو مقاصد الشريعة التي تحفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال ومن هنا جاءت كنيتي ( عمر شريعة ) وسط أخوتي بالسكة الحديد لأن مواقفي معللة برفض أحد الأمور لأنه يتنافى وتلكم المقاصد أو بقبول أمر آخر لأنه يوافقها, ورغم أن المدخل فرض ذلك دعنا من عمر وحقبة منتصف ثمانينات القرن الماضي, هذا القرن الذي ولى بخيره وشره احتلاله واستقلاله عسكره وانتفاضاته, فلنبحث عن مقاصدنا وسط هذا الزحام .   

  ولأن الكثيرين يحكمون ذات المعيار, ولأن المرشحين دائماً يرفعون هذا الهدف ضمن أولوياتهم في برامجهم الانتخابية ويتنامى الحديث في المنابر عن مزايا تطبيقه ومخاطر ومساوئ تجاهله, وبدوران عجلة العمل السياسي تطرأ مستجدات وأجندات جانبية وتحدث متغيرات داخلية وترضيات سياسية وضغوط خارجية ونجد أن اللهث وراء تثبيت الكراسي وكنز المال وفتنته والتكالب على السلطة وبريقها ومحاولة اكتساب النفوذ وتأسيس مراكز القوى وحب السيطرة وغير ذلك من الأمور (التي تكتسب في النظم العلمانية بمسؤولية وأسس أخلاقية نصت عليها دساتيرهم ) نجد انها هي الأولوية  القصوى . وبالتالي وفي غمرة السلطة وسكرتها تضيع المقاصد وفي ذات الوقت نكون قد تجاهلنا الأسس التي وضعها النظام العلماني .  ليكتشف هؤلاء الموعودون بالتطبيق أن المقاصد الشرعية كانت مجرد وسيلة لغاية هي الحكم, حكم عاجز عن كبح جماح الفساد وها هي تقارير المراجع تعج بالاعتداءات على المال العام ويعتبر إعلانها ومناقشتها نوع من الاستفزاز للرأي العام طالما أن المدان فيها آمناً محمياً يزداد سلطة ونفوذا وخيراً فعلت السلطات عندما أودعت المعتدين على أموال النهضة الزراعية السجن بولاية سنار, إلا أن غيرهم في الولاية لا يزال حراً يتمادى في فساده بعد ترفيعه لمنصب أعلى ليمد لسانه للإعلام والقضاء وكافة السلطات مستهزئاً  بالرأي العام, وهذا الحديث نطلقه مدعوماً بالوثائق ( لمن أراد الإطلاع ) ولا نطلقه عداءً لأحد من المسؤولين فالمفسدون هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون, فكيف نحمي حفنة من المستنفذين وهم يعتدون بدم بارد على أرزاق الآلاف من المستضعفين والمزارعين الذين ينظرون إلى زرعهم وضرعهم يجف أمامهم , لتخور قواهم وتنهار أعصابهم, إنهم الموعودون بالتطبيق ألمقاصدي فكيف يكون مصيرهم الاضطراب والتخبط والحيرة لتؤثر هذه الحالات في أدائهم وسلوكهم وروحهم الوطنية وربما عقيدة بعض ضعاف الإيمان منهم لأنهم ببساطة قارنوا بين القيم السائدة في الممارسة السياسية العلمانية التي أبعدت الدين وبين واقع حال المتدينين !!

  إن الإصابات والحوادث والسرقات والحرائق يتم التعويض عنها سواء بقانون العمل أو أنظمة التأمين, علماً بأنها أضرار مادية بحتة, أما إذا أصيب القوم في أخلاقهم فلن يجدوا من يقيم لهم مأتماً ولا عويلا, فهل سمعتم بإصابة عمل نفسية أو شركة تأمين ضد الاضطراب الذهني المتفشي كالوباء؟

  قبل الوداع آخر طرفة, يحكى إن احد مواطني دول العالم الرابع سكران 24 ساعة طوال 40 عاماً وعندما صدرت القوانين التي تحرم الخمر كان قد تعاقب على الحكم بعد قرقوش ستة حكام وبعدما أفاق من سكرته الأربعينية تساءل : أين الخمر ؟ فقيل له : ان الحكومة طبقت الشريعة ! فصاح فيهم : انتو قرقو ش دا جن ولا شنو ؟   




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق